Research

السياسات بشأن فيروس كورونا المستجدّ والاستجابات المؤسّساتية له في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: مصر

People are seen, amid the coronavirus disease (COVID-19) outbreak, in Cairo, Egypt  January 5, 2021. Picture taken January 5, 2021.  REUTERS/Ahmed Fahmy

الملخّص

طبّقت الحكومة المصرية إغلاقاً كاملاً للبلاد وفرضت إجراءات التباعد الاجتماعي للسيطرة على تفشّي فيروس كورونا المستجدّ ابتداء من مارس 2020. وكانت أعلى المستويات في الحكومة المركزية مسؤولة عن تطبيق السياسات بشأن فيروس كورونا المستجدّ والاستجابات المؤسّساتية له التي تمّ تنسيقها من خلال اللجنة العليا لمكافحة فيروس كورونا التي يرأسها رئيس الوزراء. وقد أدّت وزارة الصحّة والسكّان دوراً أساسياً في الإشراف على استجابة الحكومة الصحّية الجارية، فأصدرت إحاطات يومية عن مجموع الإصابات المؤكّدة وحالات التعافي ومعدّلات الوفيات في البلاد. وتمّ حشد مؤسسات عامة وحكومية كالقوّات المسلّحة لدعم استجابة الحكومة للأزمة.

وأطلقت الحكومة بسرعة موقعاً على الإنترنت من خلال وحدة إدارة الأزمات في مركز المعلومات ودعم اتّخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء الذي ينشر مجموعة واسعة من المعلومات المتعلّقة بفيروس كورونا المستجدّ ويطلع العامّة عليها من خلال قنوات إعلامية مختلفة. وأطلقت الحكومة خطّاً ساخناً على مدار الساعة وتطبيقاً للهواتف الذكية لتمكين وصول الناس إلى المعلومات والموارد المتعلّقة بفيروس كورونا المستجدّ. ومؤخّراً، تمّ توسيع القدرة على إجراء الفحوصات لتشمل 58 مختبراً في أرجاء البلاد، فضلاً عن منشآت نقّالة لإجراء الفحوصات مع البقاء داخل السيارة، علماً أنّ هذه المسألة شكّلت تحدياً في الأشهر الأولى من التفشّي. زيادة على ذلك، أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية متعقّباً لسياسات فيروس كورونا المستجدّ على الإنترنت، وهو يضمّ منصّة تفاعلية مع تفاصيل إجراءات الاستجابة لفيروس كورونا المستجدّ التي يطبّقها 77 كياناً حكومياً حتّى الساعة ويبلغ عددها 432 إجراء.

وعلى الرغم من الجهود اللافتة لاحتواء التفشّي الأوّلي للفيروس، شهدت الأشهر التي تلت تسارعاً في الإصابات المؤكّدة اليومية بفيروس كورونا المستجدّ، ووصل عدد الحالات الجديدة إلى ذروته في 20 يونيو مع 1774 إصابة. وتشير البيانات التي أفادت بها وزارة الصحّة والسكّان إلى انخفاض كبير في الإصابات اليومية في الشهرَين اللذين تلا إعلان الحكومة أنّها ستخفّف كثيراً من القيود وتعتمد خططاً للتعايش مع الفيروس للحدّ من التداعيات الاقتصادية. وفي 3 أغسطس، للمرّة الأولى منذ 24 أبريل، سجّلت مصر عدد إصابات يومية أدنى من مئتَي إصابة. علاوة على ذلك، يبقى مجموع الإصابات المؤكّدة والوفيات للفرد الواحد في مصر أدنى من معدّلات الكثير من الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفيما تحسّنت التوقّعات لمصر كثيراً مقارنة بأعداد الإصابات اليومية المسجّلة في الصيف، تشير الإحصاءات الرسمية إلى موجة ثانية مع ارتفاع في الإصابات اليومية ابتداء من نوفمبر ومع تسارع لذروة في الإصابات تتخطّى 1400 إصابة في اليوم في أوائل يناير، لتتراجع بعد ذلك إلى نحو 700 إصابة في اليوم في أواخر يناير.

ويمكن عزو التسارع في مجموع الإصابات المؤكّدة الذي شهدته مصر في مايو ويونيو إلى عدّة تحديات أساسية. فعدّة مستشفيات ومنشآت للرعاية الصحية مخصّصة لاستقبال إصابات فيروس كورونا المستجدّ ومعالجتها لم تكن مجهّزة جيّداً للتعامل مع دفق المرضى، مع ورود تقارير عن عدم تأمين كميات كافية من معدّات الوقاية الشخصية وقدرة وصول محدودة إليها، ووردت في بعض الحالات تقارير عن تطبيق رديء لتوجيهات السلامة الصحّية في خلال العلاج. وقد أدّى ذلك إلى إصابة الكثير من الطواقم الطبيّة وعمّال الرعاية الصحّية بالفيروس. علاوة على ذلك، كانت قدرة إجراء الفحوصات في أرجاء البلاد محدودة، ممّا حال دون قراءة شاملة أكثر للإصابات المؤكّدة في مختلف المحافظات، مع أنّ مجموع الإصابات المؤكّدة يبدو متركّزاً في المدن الكثيفة السكّان وفي منطقة القاهرة الكبرى.

ولاحتواء التداعيات الاقتصادية الناتجة عن إجراءات الإغلاق، خفّفت الحكومة تدريجياً من القيود في خلال شهر رمضان (بين 23 أبريل و23 مايو). وبحلول أوائل يونيو، أعلن رئيس الوزراء عن تخفيف كبير في الإجراءات عبر إنهاء حظر التجوّل اليومي وإعادة فتح المطاعم والمنشآت الترفيهية جزئياً وتدريجياً واستئناف الرحلات الجوّية الدولية إلى وجهات محدّدة وغيرها من الخطوات. وتمّ اعتماد خطوات إضافية في أغسطس وسبتمبر، ووُضعت خطّة لمحاربة موجة ثانية من الإصابات.

ويعود الفضل إلى برنامج التحوّل الاقتصادي الجاري في مصر في تسهيل الإنفاق الحكومي المسرَّع على استجابة القطاع الصحّي، فضلاً عن إجراءات الدعم الاقتصادي المختلفة وبرامجه المعتمدة منذ بداية الجائحة. وأعاد صندوق النقد الدولي النظر في توقّعاته الأوّلية لنموّ الناتج المحلّي المصري الحقيقي للسنة المالية 2020 ورفعه من 2,0 في المئة إلى 3,55 في المئة، أي أعلى من كلّ اقتصادات الشرق الأوسط ووسط آسيا ومن بين الدول القليلة عالمياً التي تحظّى بمعدّل نموّ إيجابي. ونظراً إلى تأثير الجائحة المستمرّ والإجراءات المتوقّع فرضها لاحتواء موجة ثانية من الإصابات، من المتوقّع أن تحقّق البلاد نمواً نسبته 2,75 في المئة في السنة المالية 2021.[1]

 

Author